السبت، 9 أبريل 2011

النــَــظرَة الآخــيرَة ~

 لَم استطع تمالك نفسي والبقاء وحيدة في المنزل ، بينما الجميع هناك قابعون في بيت جدي رحمهُ الله ،
الا تعتقدون ان كلمة رَحمهُ الله ، بغض النظر اننا يجب ان نقولها ، إلآ انها كلمة تدل ان الشخص المعني أصبح من عداد الماضي ؟ وانهُ اسمهُ الان مُدون في سجل الأموات ؟ عَني انا إلى الان لم أعتد ِ الفِكرة  بعد ، فَ مُجرد قَول رحمهُ الله ، تًعودُ ذاكرتي بسرد احداث تلك الليلة المشؤومة . 


بعدَ مغادرة أبي وأمي واخوتي الكِبار منازلهم ، قمتُ باللحاق بِهم تقريباً بعد ساعة ونصف ، أي قبيل صلاة الفجر بِ خَمسة واربعين دقيقة ، دَخلتُ بيتَ جَدي ، فَلم أسمع سِوى الصَمت يخيمُ على أرجاء المكان ، صمتُ قاتل ، يحدثُ الجميع بأنَ ريبٌ ما قد حصل هنا ، جلستُ في حُجرة إبنة عمي ، صامتين  نبحث في التلفاز عن قناة للقران الكَريم ،
وبينَ الفينة والأخرى يصلني همسُ جَدتي يقول : إصمتن لا تبكين ، فتلوذ هي صامتة خلف مَوجةٍ مكتومة من البكاء المَرير . فأبكي انا بدوري بألمٍ مَريض .


بعدَ إقامة صلاة الفَجر ، بنصف ساعة عُدت إلى المَنزل مُنهكة ، فأنا لم أذق طعم النوم سوى نصف ساعة تلك الليلة ، وبذلك أكون قد قضيتُ 24 ساعة مستيقظة .
دخلتُ غرفتي واستسلمت جفوني لنومٍ متقلب وأحلامٍ مُزعجة ..
أحسست على جَلبة في البيت الساعة التاسعة صباحاً ، كانت أمي قد عادت ، طَلبت مني أن أستيقظ وأذهب معها إلى بيت العَزاء .
صَحيح لَم أخبركُم ، كان من المفروض ان يكون سَفرنا الساعة السابعة والنصف صباحا من ذاكَ اليوم ، لَكنهم قاموا بتأجيل السَفر إلى ما بعدَ مراسم الجنازة والدَفن ، أي الساعة الثانية عصراً .


عند دخولي إلى بيت العَزاء ، كانَ هُناك الكثير من الوجوه المألوفة لي والبعض لآ اعرفها ، جلسنا هُناك ننتظر بأن يحضروا جَدي إلى مَجلسِ النساء ، لتوديعهِ الوداع الأخير .
إلى هُنا لا استطيع ان أصفَ لكُم ألمَ الموقف ، بَل لآ استطيع أن أصفَ لَكُم ماذا حَصلَ هُناك – من بعيد رأيتهُم يحملون النَعش على كتفوهم ، أحفادَ جدي الكِبار ، ومن خلفهم جُموعُ من الرِجال ، أعمامي ، أخوالي ، والعائلة . 


وضعوهُ في الوسط أمام الجَميع ، بالبداية لَم استطع رؤيتهِ لتجمعهم حولهُ ، أصابتنا مَوجة أليمة من البُكاء لَم أعهد مثيلها من قبل ، الجَميع يبكي دونَ استثناء ، منهُنَ من بدأ بالصُراخ ، غضبَ أحد أعمامي وقال للرِجال أحملوهُ هذا حرام لآ يجوز الصراخ على الميت هكذا . أنا غضبتُ بشدة واصابتني حُرقة شديدة وبكيتُ أكثر إذ أنه لم يصلني الدور لتوديعهِ ، خالتي حفظها الله طلبت منهُ ان يضعوه بالخارج قليلاً ليتسنى لما نحنُ الحفيدات ان نودعهُ فهذا ليسَ عدلا لنا ، نحنُ لم نصرخ كالبقية ، 


عندها حانَ دوري للأقتراب منهُ لمستُ جبهتهُ وقبلتهُ على جنبيهِ ، شعرتُ ببرودة الأموات تلفهُ .
هذه المَرة الأولى الَتي أقترب لشخصٍ فارقَ الحياة ، ميتٍ أمامي ، فَ كيف وهوَ جَدي
بعد قليل حَملوهُ من جَديد ، إلى بيتهِ الجَديد ، وعيوننا مُعلقة بهِ ، بنظرةِ أخيرة ، شَيّعت جثمانهُ إلى مثواهُ الأخير . 







    يُتبع                             



4 رؤاكُــم:

بحر العلوم
9 أبريل 2011 في 10:00 م

حركت مشاعر حاولت ان لا احركها في تلك الايام .. :(

رحـيقٌ مخـتُوم ~ تسنيم /
10 أبريل 2011 في 5:30 ص

تأخذني حروفك وجلَبة متها الى نفس المشهد منذُ أشهُر ،
بوفاة جدّي :(
تغمّد الله جميع موتى المؤمنين بالرحمة والمغفرة ،

رشة ..
11 أبريل 2011 في 2:00 ص

يا أبا الوَليد ، لآ مَفرَ من الحُزن
حَتى رُغم أني أنا من كَتبها إلا انني أجدُ نَفسي
أداري هبوطَ دموعي على العلن ، عندَ قراءتها
أهلا بـِك : )

رشة ..
11 أبريل 2011 في 2:01 ص

تـًسنيم ، أهلا بـِكِ ضيفة في مُذكراتي ، وإن كانت أليمة : )
رَحمَ اللهُ جَدكِ وأسكنهُ فَسيحَ جنانهِ : )

دُمتِ بـِ رفقتي ،

إرسال تعليق